کد مطلب:90519 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:450
اَلْبَدی ءِ الْبَدیعِ، الأَجَلِّ الأَعْظَمِ، الأَعَزِّ الأَكْرَمِ. اَلْمُتَوَحِّدِ بِالْكِبْرِیَاءِ، وَ الْمُتَفَرِّدِ بِالآلاَءِ. اَلْقَاهِرِ بِعِزِّهِ، وَ الْمُتَسَلِّطِ بِقَهْرِهِ، الْمُمْتَنِعِ بِقُوَّتِهِ، الْمُهَیْمِنِ بِقُدْرَتِهِ، وَ الْمُتَعَالی فَوْقَ كُلِّ شَیْ ءٍ بِجَبَرُوتِهِ، الْمَحْمُودِ بِامْتِنَانِهِ وَ إِحْسَانِهِ، الْمُتَفَضِّلِ بِعَطَائِهِ وَ جَزیلِ فَوَائِدِهِ، الْمُوسِعِ بِرِزْقِهِ، الْمُسْبِغِ بِنِعَمِهِ. نَحْمَدُهُ عَلی تَظَافُرِ آلاَئِهِ، وَ تَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ، حَمْداً یَزِنُ قَدْرَ كِبْرِیَائِهِ، وَ عَظَمَةَ جَلاَلِهِ. وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ. اَلَّذی كَانَ فی أَوَّلِیَّتِهِ مُتَقَادِماً، وَ فی دَیْمُومِیَّتِهِ متَسَیْطِراً. خَضَعَ الْخَلاَئِقُ لِوَحْدانِیَّتِهِ وَ رُبُوبِیَّتِهِ وَ قَدیمِ أَزَلِیَّتِهِ، وَ دَانُوا لِدَوَامِ أَبَدِیَّتِهِ. وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ خِیَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ. إخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ، وَ اصْطَفَاهُ لِوَحْیِهِ، وَ ائْتَمَنَهُ عَلی سِرِّهِ، وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ، وَ انْتَدَبَهُ لِعَظیمِ أَمْرِهِ، وَ إِضَاءَةِ مَعَالِمِ دینِهِ، وَ مَنَاهِجِ سَبیلِهِ، وَ جَعَلَهُ مِفْتَاحَ وَحْیِهِ، وَ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ. إِبْتَعَثَهُ عَلی حینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَ اخْتِلاَفٍ مِنَ الْمِلَلِ، وَ هَدْأَةٍ مِنَ الْعِلْمِ، وَ ضَلاَلٍ عَنِ الْحَقِّ، وَ جَهَالَةٍ بِالرَّبِّ، وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ [ تَكْذیبٍ بِ ] الْوَعْدِ. أَرْسَلَهُ إِلَی النَّاسِ أَجْمَعینَ، [ وَ ] رَحْمَةً لِلْعَالَمینَ، بِكِتَابٍ كَریمٍ قَدْ فَضَّلَهُ وَ فَصَّلَهُ، وَ بَیَّنَهُ وَ أَوْضَحَهُ وَ أَعَزَّهُ، وَ حَفِظَهُ مِنْ أَنْ یَأْتِیَهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزیلٌ مِنْ حَكیمٍ حَمیدٍ[1]. ضَرَبَ لِلنَّاسِ فیهِ الأَمْثَالَ، وَ صَرَفَ [ لَهُمْ ] فیهِ الآیَاتِ لَعَلَّهُمْ یَعْقِلُونَ. وَ أَحَلَّ فیهِ الْحَلاَلَ، وَ حَرَّمَ فیهِ الْحَرَامَ، وَ شَرَعَ فیهِ الدّینَ لِعِبَادِهِ عُذْراً وَ نُذْراً، لِئَلاَّ یَكُونَ [صفحه 369] لِلنَّاسِ عَلَی اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ[2]، وَ یَكُونَ بَلاَغاً لِقَوْمٍ عَابِدینَ[3]. فَبَلَّغَ رِسَالَتَهُ، وَ جَاهَدَ فی سَبیلِهِ، وَ عَبَدَهُ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقینُ. صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلیماً كَثیراً[4]. أَمَّا بَعْدُ، أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، وَ أُوصی نَفْسِی[5] بِتَقْوَی اللَّهِ الْعَظیمِ الَّذی ابْتَدَأَ الأُمُورَ بِعِلْمِهِ، وَ إِلَیْهِ یَصیرُ غَداً مَعَادُهَا، وَ بِیَدِهِ فَنَاؤُهَا، وَ تَصَرُّمُ أَیَّامِكُمْ، وَ فَنَاءُ آجَالِكُمْ، وَ انْقِطَاعُ مُدَّتِكُمْ. أَیُّهَا النَّاسُ، أُحَذِّرُكُمْ الدُّنْیَا وَ الاِغْتِرَارَ بِهَا، فَكَأَنَّهَا قَدْ زَالَتْ عَنْ قَلیلٍ عَنْكُمْ كَمَا زَالَتْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَاجْعَلُوا، عِبَادَ اللَّهِ، اجْتِهَادَكُمْ فی هذِهِ الدُّنْیَا التَّزَوُّدَ مِنْ یَوْمِهَا الْقَصیرِ لِیَوْمِ الآخِرَةِ الطَّویلِ، فَإِنَّهَا دَارُ عَمَلٍ وَ ابْتِلاَءٍ، وَ الآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ وَ جَزَاءٍ. تَرَصَّدُوا مَوَاعیدَ الآجَالِ، وَ بَاشِرُوهَا بِمَحَاسِنِ الأَعْمَالِ، وَ لاَ تَرْكَنُوا إِلی ذَخَائِرِ الأَمْوَالِ فَتُحَلّیكُمْ خَدَائِعُ الآمَالِ. یَا أَیُّهَا النَّاسُ[6]، فَإِنّی أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا، فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بَالشَّهَوَاتِ[7]، وَ تَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ[8]، وَ رَاقَتْ بِالْقَلیلِ، وَ تَحَلَّتْ[9] بِالآمَالِ، وَ تَزَیَّنَتْ بِالْغُرُورِ. لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا[10]، وَ لاَ تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا، خَدَّاعَةٌ صَرَّاعَةٌ، غَدَّارَةٌ[11] غَرَّارَةٌ، مَكَّارَةٌ[12] ضَرَّارَةٌ، حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ، نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ، أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ. [صفحه 370] أَنْهَارُهَا لاَمِعَةٌ، وَ ثِمَارُهَا یَانِعَةٌ، ظَاهِرُهَا سُرُورٌ، وَ بَاطِنُهَا غُرُورٌ. تَأْكُلُكُمْ بِأَضْرَاسِ الْمَنَایَا، وَ تُبیرُكُمْ بِأَتْلاَفِ الرَّزَایَا[13]. وَ أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ، وَ لَیْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ، قَدْ تَزَیَّنَتْ بِغُرُورِهَا، وَ غَرَّتْ بِزینَتِهَا. وَ هِیَ[14] دَارُ مَمَرٍّ لاَ[15] دَارُ مَقَرٍّ. وَ النَّاسُ فیهَا رَجُلاَنِ: رَجُلٌ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا. وَ رَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا. لَ [ قَدْ ] هَمَّ بِهَا أَوْلاَدُ الْمَوْتِ، وَ آثَرُوا زینَتَهَا، وَ طَلَبُوا رُتْبَتَهَا. یَا أَهْلَ الْغُرُورِ، مَا أَبْهَجَكُمْ بِ[16] دَارٍ هَانَتْ عَلی رَبِّهَا فَخَلَطَ حَلاَلَهَا بِحَرَامِهَا، وَ خَیْرَهَا بِشَرِّهَا، وَ حَیَاتَهَا بِمَوْتِهَا، وَ حُلْوَهَا بِمُرِّهَا. لَمْ یُصْفِهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ[17] تَعَالی لأَوْلِیَائِهِ، وَ لَمْ یَضِنَّ بِهَا عَلی أَعْدَائِهِ. خَیْرُهَا زَهیدٌ، وَ شَرُّهَا عَتیدٌ، وَ جَمْعُهَا یَنْفَدُ، وَ مُلْكُهَا یُسْلَبُ، وَ عَامِرُهَا یَخْرَبُ، وَ لَذَّتُهَا قَلیلَةٌ، وَ حَسْرَتُهَا طَویلَةٌ. تَشُوبُ نَعیمَهَا بِبُؤْسٍ، وَ تَقْرَنُ سُعُودَهَا بِنُحُوسٍ، وَ تَصِلُ نَفْعَهَا بِضُرٍّ، وَ تَمْزِجُ حُلْوَهَا بِمُرٍّ[18]. فَمَا خَیْرُ دَارٍ تُنْقَضُ نَقْضَ الْبِنَاءِ، وَ عُمُرٍ یَفْنی فَنَاءَ الزَّادِ، وَ مُدَّةٍ تَنْقَطِعُ انْقِطَاعَ السَّیْرِ؟. لاَ تَعْدُو الدُّنْیَا[19]، إِذَا تَنَاهَتْ إِلی أُمْنِیَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فیهَا، وَ الرِّضَا بِهَا[20]، الْمُحِبّینَ لَهَا، [صفحه 371] الْمُطْمَئِنِّینَ إِلَیْهَا، الْمَفْتُونینَ بِهَا[21]، أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشیماً تَذْرُوهُ الرِّیَاحُ وَ كَانَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ مُقْتَدِراً[22]. لَمْ یَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فی حَبْرَةٍ إِلاَّ أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةٌ، وَ لَمْ یَلْقَ فی[23] سَرَّائِهَا بَطْناً إِلاَّ مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً، وَ لَمْ تَطُلَّهُ فیهَا دیمَةُ[24] رَخَاءٍ إِلاَّ هَتَنَتْ[25] عَلَیْهِ مُزْنَةُ بَلاَءٍ. وَ حَرِیٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِیَ لَهُ خَاذِلَةً[26] مُتَنَكِّرَةً، وَ إِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ لامْرِئٍ[27] وَ احْلَوْلی، أَمَرَّ عَلَیْهِ[28] مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبی. لاَ یَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً إِلاَّ أَرْهَقَتْهُ مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً، وَ لاَ یُمْسِی امْرُؤٌ[29] مِنْهَا فی جَنَاحِ أَمْنٍ إِلاَّ أَصْبَحَ عَلی قَوَادِمِ خَوْفٍ، أَوْ تَغَیُّرِ نِعْمَةٍ أَوْ زَوَالِ عَافِیَةٍ[30]. غَرَّارَةٌ، غُرُورٌ مَّا فیهَا. فَانِیَةٌ، فَانٍ مَنْ عَلَیْهَا. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنْتُمْ[31] فی هذِهِ الدُّنْیَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فیكُمُ[32] الْمَنَایَا، وَ مَا لَكُمْ فیهَا[33] نَهْبٌ لِلْحُتُوفِ وَ[34] تُبَادِرُهُ الْمَصَائِبِ. [صفحه 372] مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ مِنْهَا[35] شَرَقٌ، وَ فی كُلِّ أَكْلَةٍ مِنْهَا[36] غَصَصٌ. لاَ تَنَالُونَ مِنْهَا[37] نِعْمَةً تَفْرَحُونَ بِهَا[38] إِلاَّ بِفِرَاقِ أُخْری تَكْرَهُونَهَا[39]، وَ لاَ یُعَمَّرُ مَعَمَّرٌ مِنْكُمْ یَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ بِهَدْمِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ[40]، وَ لاَ تُجَدَّدُ لَهُ زِیَادَةٌ فی أَكْلِهِ إِلاَّ بِنَفَادِ مَا قَبْلَهَا مِنْ رِزْقِهِ، وَ لاَ یَحْیَا لَهُ أَثَرٌ إِلاَّ مَاتَ لَهُ أَثَرٌ، وَ لاَ یَتَجَدَّدُ لَهُ جَدیدٌ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ یَخْلَقَ لَهُ جَدیدٌ، وَ لاَ تَقُومُ لَهُ نَابِتَةٌ إِلاَّ وَ تَسْقُطُ مِنْهُ مَحْصُودَةٌ. لاَ خَیْرَ فی شَیْ ءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلاَّ التَّقْوی. فَنَحْنُ أَعْوَانُ الْمَنُونِ، وَ أَنْفُسُنَا نَصْبُ الْحُتُوفِ، وَ تَسُوقُنَا إِلَی الْفَنَاءِ[41]. فَمِنْ أَیْنَ نَرْجُو[42] الْبَقَاءَ وَ هذَا اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ لَمْ یَرْفَعَا مِنْ شَیْ ءٍ شَرَفاً، إِلاَّ أَسْرَعَا الْكَرَّةَ فی هَدْمِ مَا بَنَیَا، وَ تَفْریقِ مَا جَمَعَا؟. مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا یُؤْمِنُهُ، وَ مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا یُوبِقُهُ، وَ زَالَ عَمَّا قَلیلٍ عَنْهُ. كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ، وَ ذی طُمَأْنینَةٍ إِلَیْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ، وَ ذِی احْتِیَالٍ فیهَا قَدْ خَدَعَتْهُ[43]، وَ ذی أُبُّهَةٍ فیهَا[44] قَدْ جَعَلَتْهُ[45] حَقیراً، وَ ذی نَخْوةٍ قَدْ رَدَّتْهُ ذَلیلاً، وَ ذی تَاجٍ قَدْ أَكَبَّتْهُ لِلْیَدَیْنِ وَ لِلْفَمِ[46] ؟. سُلْطَانُهَا دُوَلٌ، وَ عَیْشُهَا رَنِقٌ، وَ صَفْوُهَا كَدِرٌ[47]، وَ عَذْبُهَا أُجَاجٌ، وَ حُلْوُهَا صَبِرٌ، وَ غِذَاؤُهَا [صفحه 373] سِمَامٌ، وَ أَسْبَابُهَا رِمَامٌ، وَ قِطَافُهَا سَلَعٌ[48]. حَیُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ، وَ صَحیحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ، وَ آمِنُهَا بَعَرَضِ خَوْفٍ، وَ مَنیعُهَا بِعَرَضِ اهْتِضَامٍ. وَ[49] مُلْكُهَا[50] مَسْلُوبٌ، وَ عَزیزُهَا مَغْلُوبٌ، وَ ضَیْفُهَا مَثْلُوبٌ[51]، وَ مَوْفُورُهَا[52] مَنْكُوبٌ، وَ جَارُهَا مَحْروبٌ. ثُمَّ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَ زَفْرَتُهُ، وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ، وَ الْوُقُوفُ بَیْنَ یَدَیِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ، لِیَجْزِیَ الَّذینَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنی[53]. فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ، وَ سَارِعُوا إِلی رِضْوَانِهِ، وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ[54]، [ وَ ] اجْعَلُوا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مِنْ طَلَبِكُمْ[55]، وَ اسْأَلُوهُ مِنْ أَدَاءِ حَقِّهِ مَا سَأَلَكُمْ. أُطْلُبُوا الْخَیْرَ وَ أَهْلَهُ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ خَیْراً مِنَ الْخَیْرِ مُعْطیهِ، وَ شَرّاً مِنَ الشَّرِّ فَاعِلُهُ[56]. وَ أَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ یُدْعی بِكُمْ. وَ قَدْ مَضَتْ أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا، فَمَا بَقَاءُ فَرْعٍ بَعْدَ ذَهَابِ أَصْلِهِ؟. أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ وَ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ[57] فی مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَطْوَلَ مِنْكُمْ[58] أَعْمَاراً، [صفحه 374] وَ أَبْقی[59] آثَاراً، وَ أَبْعَدَ آمَالاً، وَ أَعَدَّ عَدیداً، وَ أَكْثَفَ[60] جُنُوداً، وَ أَشَدَّ عُنُوداً[61] ؟. تَعَبَّدُوا لِلدُّنْیَا[62] أَیَّ تَعَبُّدٍ، وَ نَزَلُوا بِهَا أَیَّ نُزُولٍ[63]، وَ آثَرُوهَا أَیَّ إِیثَارٍ، ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِالْكُرْهِ وَ الصَّغَارِ[64]، بِغَیْرِ زَادٍ مُبَلِّغٍ، وَ لاَ ظَهْرٍ قَاطِعٍ. فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْیَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْیَةٍ، أَوْ أَغْنَتْ عَنْهُمْ فیمَا قَدْ أَمَّلَتْهُمْ بِخَطْبٍ[65]، أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ، أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً؟. بَلْ قَدْ[66] أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ[67]، وَ أَوْهَنَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ، وَ ضَعْضَعَتْهُمْ بِالنَّوَائِبِ، وَ عَقَرَتْهُمْ بِالْمَصَائِبِ[68]، وَ عَفَّرَتْهُمْ لِلْمَنَاخِرِ[69]، وَ وَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ، وَ أَعَانَتْ عَلَیْهِمْ رَیْبَ الْمَنُونِ. فَقَدْ رَأَیْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا وَ أَجَدَّ إِلَیْهَا[70]، وَ آثَرَهَا وَ أَخْلَدَ لَهَا، حینَ[71] ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ الأَبَدِ إِلی آخِرِ الْمُسْنَدِ[72]. وَ هَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلاَّ السَّغَبَ[73]، أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلاَّ الضَّنْكَ، أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلاَّ الظُّلْمَةَ، أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلاَّ النَّدَامَةَ؟. أَفَهذِهِ تُؤْثِرُونَ. أَمْ إِلَیْهَا تَطْمَئِنُّونَ. أَمْ عَلَیْهَا تَحْرِصُونَ. أَمْ فیهَا تَرْغَبُونَ؟. [صفحه 375] یَقُولُ اللَّهُ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ: مَنْ كَانَ یُریدُ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا وَ زینَتَهَا نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فیهَا وَ هُمْ فیهَا لاَ یُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارَ وَ حَبِطَ مَا صَنَعُوا فیهَا وَ بَاطِلٌ مَا كَانُوا یَعْمَلُونَ[74]. فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ یَتَّهِمْهَا، وَ لَمْ یَكُنْ فیهَا عَلی وَ جَلٍ مِنْهَا. فَاعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[75]، بِأَنَّكُمْ لاَ بُدَّ تَارِكُوهَا، وَ ظَاعِنُونَ عَنْهَا، فَإِنَّمَا هِیَ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ كَمَا وَصَفَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَالَ: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیَاةُ الدُّنْیَا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زینَةٌ وَ تَفَاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكَاثُرٌ فِی الأَمْوَالِ وَ الأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ یَهیجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ یَكُونُ حُطَاماً وَ فِی الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدیدٌ[76]. وَ اتَّعِظُوا فیهَا بِالَّذینَ قَالَ [ لَهُمُ ] اللَّهُ تَعَالی: أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ ریعٍ آیَةً تَعْبَثُونَ وَ تَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَ إِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارینَ[77]. وَ اتَّعِظُوا فیهَا بِالَّذینَ قَالُوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً[78]. وَ اتَّعِظُوا بِإِخْوَانِكُمُ الَّذینَ[79] حُمِلُوا إِلی قُبُورِهِمْ فَلاَ یُدْعَوْنَ رُكْبَاناً، وَ أُنْزِلُوا الأَجْدَاثَ فَلاَ یُدْعَوْنَ ضِیفَاناً، وَ جُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفیحِ أَجْنَانٌ، وَ مِنَ الضَّریحِ أَكْنَانٌ[80]، وَ مِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ، وَ مِنَ الرُّفَاتِ جیرَانٌ، فَهُمْ جیرَةٌ لاَ یُجیبُونَ دَاعِیاً، وَ لاَ یَمْنَعُونَ ضَیْماً، وَ لاَ یُبَالُونَ مَنْدَبَةً. وَ اعْتَبِرُوا بِمَنْ قَدْ رَأَیْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ مَنْ صَارُوا فِی التُّرَابِ رَمیماً[81]، إِنْ جیدُوا[82] لَمْ یَفْرَحُوا، وَ إِنْ قُحِطُوا لَمْ یَقْنَطُوا. [صفحه 376] جَمیعٌ وَ هُمْ آحَادٌ، وَ جیرَةٌ وَ هُمْ أَبْعَادٌ، مُتَدَانُونَ لاَ یَتَزَاوَرُونَ[83]، وَ قَریبُونَ لاَ یَتَقَارَبُونَ. حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ، وَ جُهَلاَءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ. لاَ یُخْشی فَجْعُهُمْ، وَ لاَ یُرجی دَفْعُهُمْ[84]. فَهُمْ كَمَنْ لَمْ یَكُنْ، وَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلیلاً وَ كُنَّا نَحْنُ الْوَارِثینَ[85]. إِسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الأَرْضِ بَطْناً، وَ بِالسَّعَةِ ضیقاً، وَ بِالأَهْلِ وَحْدَةً، وَ بِالأُنْسِ[86] غُرْبَةً، وَ بِالنُّورِ ظُلْمَةً، فَجَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً فُرَادی[87]. غَیْرَ أَنَّ[88] [ هُمْ ] قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَی الْحَیَاةِ الدَّائِمَةِ، وَ الدَّارِ الْبَاقِیَةِ، وَ إِلی خُلُودِ الأَبَدِ[89]، كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعیدُهُ وَعْداً عَلَیْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلینَ[90]. یَا ذَوِی الْحِیَلِ وَ الآرَاءِ، وَ الْفِقْهِ وَ الأَنْبَاءِ، اذْكُرُوا مَصَارِعَ الآبَاءِ، فَكَأَنَّكُمْ بِالنُّفُوسِ قَدْ سُلِبَتْ، وَ بِالأَبْدَانِ قَدْ عُرِیَتْ، وَ بِالْمَوَاریثِ قَدْ قُسِمَتْ، فَتَصیرُ یَا ذَا الدَّلاَلِ، وَ الْهَیْئَةِ وَ الْجَمَالِ، إِلی مَنْزِلَةٍ شَعْثَاءَ، وَ مَحَلَّةٍ غَبْرَاءَ، فَتُنَوَّمُ عَلی خَدِّكَ فی لَحْدِكَ، فی مَنْزِلٍ قَلَّ زُوَّارُهُ، وَ مَلَّ عُمَّالُهُ، حَتَّی یُشَقَّ عَنِ الْقُبُورِ، وَ تُبْعَثَ إِلَی النُّشُورِ. فَإِنْ خُتِمَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ صِرْتَ إِلَی الْحُبُورِ، وَ أَنْتَ مَلِكٌ مُطَاعٌ، وَ آمِنٌ لاَ تُرَاعُ، یَطُوفُ عَلَیْكَ وِلْدَانٌ كَأَنَّهُمُ الْجُمَانُ، بِكَأْسٍ مِنْ مَعینٍ، بَیْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبینَ. أَهْلُ الْجَنَّةِ فیهَا یَتَنَعَّمُونَ، وَ أَهْلُ النَّارِ فیهَا یُعَذَّبُونَ. هؤُلاَءِ فِی السُّنْدُسِ وَ الْحَریرِ یَتَبَخْتَرُونَ، وَ هؤُلاَءِ فِی الْجَحیمِ وَ السَّعیرِ یَتَقَلَّبُونَ. [صفحه 377] هؤُلاَءِ تُحْشی جَمَاجِمُهُمْ بِمِسْكِ الْجِنَانِ، وَ هؤُلاَءِ یُضْرَبُونَ بِمَقَامِعِ النّیرَانِ. هؤُلاَءِ یُعَانِقُونَ الْحُورَ فِی الْحِجَالِ، وَ هؤُلاَءِ یُطَوَّقُونَ أَطْوَاقاً فِی النَّارِ بِالأَغْلاَلِ. یَا مَنْ یُسَلَّمُ إِلَی الدُّودِ وَ یُهْدی إِلَیْهِ، اعْتَبِرْ بِمَا تَسْمَعُ وَ تَری، وَ قُلْ لِعَیْنِكَ تَجْفُو لَذَّةَ الْكَری، وَ تُفیضُ الدُّمُوعَ بَعْدَ الدُّمُوعِ تَتْری. بَیْتُكَ، الْقَبْرُ، بَیْتُ الأَهْوَالِ وَ الْبِلی، وَ غَایَتُكَ الْمَوْتُ، یَا قَلیلَ الْحَیَاءِ. إِسْمَعْ یَا ذَا الْغَفْلَةِ وَ التَّصْریفِ، مِنْ ذَوِی الْوَعْظِ وَ التَّعْریفِ. جُعِلَ یَوْمُ الْحَشْرِ یَوْمُ الْعَرْضِ وَ السُّؤَالِ، وَ الْحَبَاءِ وَ النَّكَالِ. یَوْمٌ تُقْلَبُ فیهِ أَعْمَالُ الأَنَامِ، وَ تُحْصی فیهِ جَمیعُ الآثَامِ. یَوْمٌ تَذُوبُ مِنَ النُّفُوسِ أَحْدَاقُ عُیُونِهَا، وَ تَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فی بُطُونِهَا، وَ یُفَرَّقُ بَیْنَ كُلِّ نَفْسٍ وَ حَبیبِهَا، وَ یَحَارُ فِی تِلْكَ الأَهْوَالِ عَقْلُ لَبیبِهَا. إِذْ تَنَكَّرَتِ الأَرْضُ بَعْدَ حُسْنِ عِمَارَتِهَا، وَ تَبَدَّلَتْ بِالْخَلْقِ بَعْدَ أَنیقِ زَهْرَتِهَا، وَ أَخْرَجَتْ مِنْ مَعَادِنِ الْغَیْبِ أَثْقَالَهَا، وَ نَفَضَتْ إِلَی اللَّهِ أَحْمَالَهَا. یَوْمَ لاَ یَنْفَعُ الْجِدُّ، إِذَا عَایَنُوا الْهَوْلَ الشَّدیدَ فَاسْتَكَانُوا، وَ عُرِفَ الْمُجْرِمُونَ بِسیمَاهُمْ فَاسْتَبَانُوا. فَانْشَقَّتِ الْقُبُورُ بَعْدَ طُولِ انْطِبَاقِهَا، وَ اسْتَسْلَمَتِ النُّفُوسُ إِلَی اللَّهِ بِأسْبَابِهَا، وَ كُشِفَ عَنِ الآخِرَةِ غِطَاؤُهَا، وَ ظَهَرَ لِلْخَلْقِ أَنْبَاؤُهَا. فَدُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً، وَ مُدَّتْ لِأَمْرٍ یُرَادُ بِهَا مَدّاً مَدّاً. وَ اشْتَدَّ الْمُثَارُونَ إِلَی اللَّهِ شَدّاً شَدّاً. وَ تَزَاحَفَتِ الْخَلاَئِقُ إِلَی الْمَحْشَرِ زَحْفاً زَحْفاً. وَ رُدَّ الْمُجْرِمُونَ عَلَی الأَعْقَابِ رَدّاً رَدّاً. وَ جَدَّ الأَمْرُ، وَیْحَكَ یَا إِنْسَانُ، جَدّاً جَدّاً. وَ قُرِّبُوا لِلْحِسَابِ فَرْداً فَرْداً. وَ جَاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً[91]، یَسْأَلُهُمْ عَمَّا عَمِلُوا حَرْفاً حَرْفاً. [صفحه 378] فَجی ءَ بِهِمْ عُرَاةَ الأَبْدَانِ، خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ، أَمَامُهُمُ الْحِسَابُ، وَ مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ، یَسْمَعُونَ زَفیرَهَا، وَ یَرَوْنَ سَعیرَهَا[92]. فَلَمْ یَجِدُوا نَاصِراً وَ لاَ وَلِیّاً یُجیرُهُمْ مِنَ الذُّلِّ، فَهُمْ یَعْدُونَ سِرَاعاً إِلی مَوَاقِفِ الْحَشْرِ یُسَاقُونَ سَوْقاً. فَالسَّموَاتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمینِهِ كَطَیِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ. وَ الْعِبَادُ عَلَی الصِّرَاطِ وَ جِلَتْ قُلُوبُهُمْ، یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ لاَ یَسْلَمُونَ، وَ لاَ یُؤْذَنُ لَهُمْ فَیَتَكَلَّمُونَ، وَ لاَ یُقْبَلُ مِنْهُمْ فَیَعْتَذِرُونَ، قَدْ خُتِمَ عَلی أَفْوَاهِهِمْ، وَ اسْتُنْطِقَتْ أَیْدیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا یَعْمَلُونَ. یَا لَهَا مِنْ سَاعَةٍ، مَا أَشْجَا مَوَاقِعَهَا مِنَ الْقُلُوبِ، حینَ مُیِّزَ بَیْنَ الْفَریقَیْنِ: فَریقٌ فِی الْجَنَّةِ، وَ فَریقٌ فِی السَّعیرِ[93]. مِنْ مِثْلِ هذَا فَلْیَهْرَبِ الْهَارِبُونَ. وَ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ الآخِرَةَ، فَلَهَا [ فَلْ ] یَعْمَلِ الْعَامِلُونَ[94]. أَیُّهَا النَّاسُ، الزَّهَادَةُ قِصَرُ الأَمَلِ، وَ الشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ، وَ الْوَرَعُ عَنِ[95] الْمَحَارِمِ. فَإِنْ عَزَبَ ذَلِكَ عَنْكُمْ[96] فَلاَ یَغْلِبِ الْحَرَامُ[97] صَبْرَكُمْ، وَ لاَ تَنْسَوْا عِنْدَ النِّعَمِ شُكْرَكُمْ. فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی[98] إِلَیْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَ كُتُبٍ بَارِزَةِ الْعُذْرِ وَاضِحَةٍ. إِنَّ الزَّاهِدینَ فِی الدُّنْیَا تَبْكی قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ ضَحِكُوا، وَ یَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وَ إِنْ فَرِحُوا، وَ یَكْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَ إِنِ اغْتُبِطُوا بِمَا رُزِقُوا. فَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ، وَ انْتَفِعُوا بِمَوَاعِظِهِ، وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ. [صفحه 379] عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ، وَ رَزَقَنَا وَ إِیَّاكُمْ أَدَاءَ حَقِّهِ[99]. نَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ یَجْعَلَنَا وَ إِیَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ، وَ لاَ تُقَصِّرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَایَةٌ، وَ لاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَ لاَ كَآبَةٌ. إِنَّهُ لَطیفٌ لِمَا یَشَاءُ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ، وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ. ثُمَّ إِنَّ أَحْسَنَ الْقَصَصِ، وَ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ، وَ أَنْفَعَ التَّذَكُّرِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[100]. أَسْتَعیذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَیْطَانِ الرَّجیمِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفی خُسْرٍ إِلاَّ الَّذینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَ تَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[101]. إِنَّ اللَّهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یَا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلیماً[102]. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَارِكْ عَلی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَحَنَّنْ عَلی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ سَلِّمْ عَلی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّیْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ وَ تَحَنَّنْتَ وَ سَلَّمْتَ عَلی إِبْرَاهیمَ وَ آلِ إِبْرَاهیمَ إِنَّكَ حَمیدٌ مَجیدٌ. اَللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسیلَةَ، وَ الشَّرَفَ وَ الْفَضیلَةَ، وَ الْمَنْزِلَةَ الْكَریمَةَ. اَللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الْخَلاَئِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً یَوْمَ الْقِیَامَةِ، وَ أَقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً، وَ أَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ جَاهاً، وَ أَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَ نَصیباً. اَللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً أَشْرَفَ الْمَقَامِ، وَ حِبَاءَ السَّلاَمِ. اَللَّهُمَّ وَ أَلْحِقْنَا بِهِ غَیْرَ خَزَایَا وَ لاَ نَاكِبینَ، وَ لاَ نَاكِثینَ وَ لاَ نَادِمینَ وَ لاَ مُبَدِّلینَ، إِلهَ الْحَقِّ آمینَ. وَ صَلَّی اللَّهُ وَ سَلَّمَ عَلی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الأَخْیَارِ، الَّذینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنُهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهیراً. ثم جلس علیه السلام قلیلاً. ثم قال فقال: اَلْحَمْدُ للَّهِ أَحَقِّ مَنْ خُشِیَ وَ حُمِدَ، وَ أَفْضَلِ مَنِ اتُّقِیَ وَ عُبِدَ، وَ أَوْلی مَنْ عُظِّمَ وَ مُجِّدَ. نَحْمَدُهُ لِعَظیمِ غَنَائِهِ، وَ جَزیلِ عَطَائِهِ، وَ تَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ، وَ حُسْنِ بَلاَئِهِ، وَ نُؤْمِنُ بِهُداهُ الَّذی لاَ یَخْبُو [صفحه 380] ضِیَاؤُهُ، وَ لاَ یَتَهَمَّدُ سَنَاؤُهُ، وَ لاَ یُوهَنُ عُرَاهُ. وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الرَّیْبِ، وَ ظُلَمِ الْفِتَنِ، وَ نَسْتَغْفِرُهُ مِنْ مَكَاسِبِ الذُّنُوبِ، وَ نَسْتَعْصِمُهُ مِنْ مَسَاوِئِ الأَعْمَالِ، وَ مَكَارِهِ الآمَالِ، وَ الْهُجُومِ فِی الأَهْوَالِ، وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الرَّیْبِ، وَ الرِّضَا بِمَا یَعْمَلُ الْفُجَّارُ فِی الأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ. اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ لِلْمُؤْمِنینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْیَاءِ مِنْهُمْ وَ الأَمْوَاتِ، الَّذینَ تَوَفَّیْتَهُمْ عَلی دینِكَ وَ مِلَّةِ نَبِیِّكَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. اَللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَاتِهِمْ، وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَیِّئَاتِهِمْ، وَ أَدْخِلْ عَلَیْهِمُ الرَّحْمَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ وَ الرِّضْوَانَ. وَ اغْفِرْ لِلأَحْیَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ، الَّذینَ وَحَّدُوكَ وَ صَدَّقُوا رَسُولَكَ، وَ تَمَسَّكُوا بِدینِكَ، وَ عَمِلُوا بِفَرَائِضِكَ، وَ اقْتَدَوْا بِنَبِیِّكَ، وَ سَنُّوا سُنَّتَكَ، وَ أَحَلُّوا حَلاَلَكَ وَ حَرَّمُوا حَرَامَكَ، وَ خَافُوا عِقَابَكَ، وَ رَجَوْا ثَوَابَكَ، وَ وَالَوْا أَوْلِیَاءَكَ، وَ عَادَوْا أَعْدَاءَكَ، وَ أَدْخِلْهُمْ بِرَحْمَتِكَ فی عِبَادِكَ الصَّالِحینَ، إِلهَ الْحَقِّ آمینَ[103].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَ وَلِیِّهِ، وَ مُنْتَهَی الْحَمْدِ وَ مَحَلِّهِ.
صفحه 369، 370، 371، 372، 373، 374، 375، 376، 377، 378، 379، 380.
و نهج البلاغة الثانی ص 165. و نسخة الآملی ص 90. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 130. و نسخة الأسترابادی ص 145. و نسخة العطاردی ص 127. و منهاج البراعة ج 8 ص 29. باختلاف یسیر. و منهاج البراعة ج 8 ص 29. باختلاف بین المصادر.